10 - 05 - 2025

رشقة أفكار | الرئيس الـ"جُنُبْ" ومصحفه المذهب!

رشقة أفكار | الرئيس الـ

لا أحدثكم هنا حديثًا في الدين عن الجنابة أو الطهارة .. كلنا يعرف الرجل الـ"جُنُبْ" (صدقًا لم ابحث ماذا يقال للمرأة أو عنها إذا كانت على جنابة ) ما أعرفه هو أن الرجل المسلم (.. وللاسف لم أسأل مسيحيًا!) لايذهب إلى مكان وهو على جنابة ! بعكس كلينت ايستوود ..او كيفن كوستنر  أو ألان ديلون مثلًا  ..او حتى "جيمس كان".. ولعله أقرب الممثلين إلى أذهانكم الآن ، فهو من لعب شخصية "سوني" في فيلم العراب The God Father.. صوَّر المخرج فرانسيس فورد كوبولا مشهدا له في الفيلم ، وهو يضاجع - واقفا - سيدة أعجبته، كانت تحضر عرس أخته، ولما اخبره روبرت دوفال (لعب شخصية  المستشار توم هيجن) بأن والده دون كورليون (لعب الشخصية العبقري مارلون براندو) يطلبه، فإنه ذهب إليه فور أن قضي وطره من المرأة .. لم يذهب "سوني" لطهارة الجنابة مثلًا ! 

ليوناردو دي كابريو فعل ذلك بعد تصوير مشاهده الحميمة في تيتانيك، وكذلك فعل المخرج سام منديز ، الذي كان يصور مشاهد الجنس لزوجته كيت وينسلت، ورأيناها مرات عديدة تمارس حياتها، من دون أن تسرع فتغرق  نفسها فورًا في البانيو ولا تحفل بالإسراع بالطهارة من الجنابة!  

يأتيك سكورسيزي مثلا او تارانتينو او سام منديز أو جورما تاكومي بمشاهد مضاجعة حية، بطلاتها من عيار كاترين زيتا جونز و شارون ستون و كاترين دينوف وغيرهن ، حيث نراهن ممددات على السرير .. تحاولن إخفاء أنوثتهن - في نصفها الأعلى- بملاءة السرير ، بينما رجالهم يغادرون غرف النوم وهم   "يشمطون"  البنطلونات الجينز  أو "الواتر  بروف" بقوة ،او يرتدون الحُلّة بنعومة، ويكملون ربطة العنق في السيارة أو حتي فوق حصان الكاوبوي، إذا كانوا من عينة جين هاكمان! 

هنا عندنا.. لا مفر من النظافة الشخصية .. وهناك لا مفر من المضاجعة والجري بسرعة خارج مضمار غرفة النوم، لابد من  الاستحمام وازالة اثار الجنابة! 

من الواضح أن  "المهووسين" بالدين  - بكل أنواعه - تتزايد أعداهم تباًعا في العالم! لايتناقصون أو يقل عددهم مع التقدم العلمي! لا يريحوننا لبعض الوقت لالتقاط الأنفاس من متابعة خيباتهم! الأديان في جوهرها الحقيقي سلام وطمأنينة وأمل .. حتي بِتَأمُل المعني السيء الشائع عند ماركس: الدين أفيون (يخدر) الشعوب . ومعروف أن أقسي نقد وجه لوظيفة الدين كان من تأليف ماركس .."كارل" كان يريد إيقاف حالة السلم النفسي التي يوفرها الإيمان، لكي يستشيط الناس غضبًا وثورة ! هو من حيث لايدري كان يعلى قيمة الدين وتأثيره العظيم في نفوس الناس. 

الهوس الديني فاق كل شيء وتجاوز كل الحدود .. البحث عن فتوى لكل شيء صار مقررًا يوميًا، الإرضاع ، مضاجعة المتوفاة، المساكنة قبل الزواج، الجنس الفموي، جواز مشاهدة خطيبتك وهي في الحمام .. القضية هي الجنس ومتعلقاته، ومن متعلقاته الجنابة والطهارة.

ووصل الأمر إلى حد الثورة على الرئيس الروسي المسيحي فلاديمير بوتين! أصبح فجأة في مرمى نيران المتعصبين! انت مش طاهر يافلاديمير .. انت على جنابة..  وبالتالي لايحق لك تقبيل المصحف! صرخوا في وجهه لا لست طاهرًا لتقبل المصحف ! لا لا لا ! 

بوتين مسيحي شوهد يذهب للكنيسة ذات مناسبة. ومعروف أنه يحمل بجيبه - أو بحقيبته - كلمة سر النار والدمار وشيفرة الرؤوس النووية إذا أراد صبها على رأس العالم! بوتين له عشيقاته وله معجباته .. وله معجبوه ..قد تهديه معجبة من بلاده مسدسًا ذهبيًا، وقد يهدي هو إلى دولة  الشيشان المسلمة وزعيمها المؤيد له (قاديروف) مصحفًا مذهبًا!  

من المؤكد أن شيئا ما ضرب عقول الخلق التي هبت وتهب لأي شيء تراه يتعلق بالدين.. وتتصور أن لديها معركة ضروس واجبة للدفاع عنه حتي ولو كان بالصواريخ الكلامية! بوتين المسيحي حمل نسخته الخاصة من القران الكريم، التي أمر بطباعتها بماء الذهب.. ليوضع في مسجد قرقيزستان.  

يطلع علينا بعض الجهابذة وحماة حمى الدين يقولون له: قف عندك.. هذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون! المصحف طاهر .. أخ بوتين ، إن لم تك تعرف فتعال نعرفك. أسمعهم يقولون لبوتين: انت راجل  مبتتوضاش.. ولا يراك كثير من إخواننا المسيحيين في القداس ..تبقي إزاي انت طاهر؟ كيف يابوتين تمسك مصحف المسلمين.. ربما خرجت علينا توا من غرفة النوم!! 

أنت شيوعي .. تروح كنيسة، تروح كنيس.. فأنتم تاريخيا أول دولة اعترفت باسرائيل .. تعمل "اللاللى".. حتى لو كنت قادمًا إلينا من  الجبهة، حيث تحتدم المعارك مع أوكرانيا..فقد جئت من طريق "المرقص" ! تضطرون لاحتساء الفودكا بسبب برودة الأجواء، فمن أدرانا أنك لم تحتس بعض كؤوس "البلاديميري" وانت تحتضن المصحف وتقبله؟ 

كل الرؤساء يفعلون ذلك.. كأس الفودكا كانت مقدسة عند السادات، وسيجارة الحشيش أو الافيون كانت كلمة الثقة عند الشيخ إمام وعمنا أحمد فؤاد نجم .. فتش عن مشروبات مبارك أيضًا! بوتين كأي مسيحي أو حتي مسلم روسي لا يستطيع الحياة بدون فودكا.. فهل هكذا يكون غير طاهر.. جُنُبْ والعياذ بالله ولا يجب عليه ان يمس المصحف؟! لماذا لا تدعون الله أن يعز الاسلام بأحد قياصرة هذا العصر؟؟ فهو يخوض الحرب ضد العالم واقتصاده قوي.. و"الروبل" لا يعاني معاناة الجنيه أمام الدولار رغم أننا لا نخوض حربًا، ولم يشفع لنا حتي الآن كل الحنجوري الذي تلوكه افواه مسلمين!

بوتين جنب ولا يحق له إمساك مصحف هو من أمر بطباعته.. وبماء الذهب؟ يالخيبتك ياسيد بوتين، مادمت لن ترضي المهووسين بالدين، ألم يكن من الأجدى لك أن توفر هذا المبلغ لإنتاج قنابل أو مسيرات تواجه بها الممثل التائه زيلينسكي، الذي يقود المعارك في أوكرانيا بالوكالة عن أسياده؟! 

الذين هاجموا بوتين لأنه أمسك المصحف لم يجدوا في الرجل المسيحي العنيد الذي يواجه صفاقة العالم الحر - العبد في حقيقة الأمر - ويصد غائلة محاولات شرذمة روسيا وكسرها، لا يريدون أن يكون  هناك طائر عالمي يغرد خارج سرب اميركا وأوروبا؟ اكتسب بوتين محبة وثقة زعماء الشيشان المسلمين، كما يحظي بصداقات وعلاقات جيده مع مسلمي قرقيزستان، ويحظى بمحبة وتقدير الرئيس قديروف .. الآن هو متهم من بعض "الأفسال"بانعدام الطهارة! 

رئيس جُنُبْ، لايحق له لمس أو  مس المصحف، مع أن أزهرنا الشريف أشاد به، حينما قام - بوتين - بتقبيل نسخة من القرآن الكريم، ففي ذلك الحين علق الأزهر قائلاً إن تصرف بوتين يتسم بالتسامح والشجاعة في نفس الوقت. لقد أهدى بوتين نسخة مرصعة بالذهب من القرآن الكريم لمسجد "النبي عيسى" الذي تم تشييده مؤخرا في غروزني عاصمة جمهورية الشيشان.. والسؤال الآن للمعتوهين  ولكل مهووس بالدين: بوتين يهدي المسلمين مصحفًا كتب بماء الذهب، فماذا أهديت أنت "يا واد يامؤمن"!!
--------------------------
بقلم: محمود الشربيني

مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | فوز البلشي .. هل اغتال أحلام صحفيين أم دمر سلم عبد المحسن في الترقي؟